مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية كاملة جديدة للكاتبة شيماء جوهر والمليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية المليئة بالتضحيات , وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل السابع والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر.
رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل السابع والثلاثون
رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل السابع والثلاثون
“الظرف الأسود”
يبدو أنها سعيدة لغرضًا ما، قررت تقريب الود والعلاقات فيما بينهم، خاصًة أن سلمى بين الحين والآخر تقوم بزيارة السيدة سميحة هي ونور .
على نفس موقعها المفضل من المنزل قامت تهاني بمهاتفة زوجها، أنتظرت حتى آتاها الرد من الجهة الأخرى :
– خير يا تهاني؟
ضحكت تهاني على قلقه ثم قالت:
– خير يا حبيبي متقلقش هو أنا أول مرة أتصل بيك ولا إيه .. بقولك أنا بفكر أعزم مدام سميحة النهارده على الغدا
رد محمود مستفسرًا:
– وماله يا حبيبتي بس إيه المناسبة
ابتسمت وقالت:
– نوع من التقارب يا حبيبي .. احنا بقينا نسايب وعيلة واحدة والبنات فين لفين عندها وبقالها فترة مشافتش عمتها
ابتسم ورد :
– والله فكرة حلوة .. معنديش مانع
ضحكت وقالت بمرح:
– لا ما أنا عارفة .. هتيجي أمتى؟
رد بهدوء وهو ينظر في ساعة يده:
– كمان عشر دقايق كده
بعدما طالت المكالمة بينهم لعدة دقائق، أنهت تهاني المكالمة وهي سعيدة .. أما محمود فهو يشعر بأن هناك سبب خفي لهذه الدعوة .
*********************
لا تشعر بالراحة مطلقًا، لا تعرف السبب ولكن يمكن بسبب الحديث الدائر بينها وبين سلمى منذ قليل؟، أو لم تكن سلمى بحالتها الطبيعية اليوم طيلة المحاضرات وهي منشغلة التفكير، وضع الشركة أعطى لها نوعًا من الريبة في شأن الشحنات الواردة من الخارج، خارج القاعدة التي يسير عليها التسليم منذ عملهم معًا في شركة الجوهري، هذا أيضًا بمعرفة الوضع في شركة أبيها .
وصلت لمنزل السيدة سميحة وفتحت لها، رحبت بها بشدة ثم دخلت تتجول بعيناها، ابتسمت سميحة وأدركت علام تبحث لتربت عليها قائلة:
– لسة مجاش من شغله
اندهشت نور وابتلعت غصتها بتوتر:
– هو مين؟
بنفس البسمة قالت بعدما غمزت لها:
– اللي بتدوري عليه
ابتسمت نور بخجل ثم جلست، لتقول بارتباك:
– عادي يعني يا طنط .. كنت بشوف سلمى هنا ولا لأ
جلست بجانبها باسمة وقالت بخبث:
– امممممم سلمى بردو .. ماشي ماشي
ردت سريعة محاولة التبرير:
– لا يا طنط متفهميش غلط .. هي مشت بعد المحاضرة ومرجعتش على البيت قلت أكيد جات هنا .. جيت أشوفك وبالمرة نروح سوا
ضحك سميحة وقررت أن تمر هذا الموقف حتى لا تشعر بالإحراج وأوراقها منكشفة أمامها بهذا الشكل:
رواية زواج لم يكن في الحسبان الفصل الاول
– ماشي يا ستي تنوري في أي وقت
نظرت لها ببسمة وخجل، لتبادلها سميحة نفس البسمة .
********************
قد شارف على إنهاء رسالته، وكان مشجعه الأول في هذه الخطوة هو طارق منذ تخرجهم من الجامعة، وعلى الرغم من ذلك هم يحبون التواجد فيها بأستمرار أكثر من أي مكان آخر، من النادي ذاته .. لدرجة أن بعض الطلاب يعتقدون أنهم طلاب ليسانس وليسوا هنا من أجل الدراسات العليا .
لن ينكر أنه منذ ما حدث هذا الصباح عقله مشتت، ولم يستطع التركيز مع مشرف الرسالة جيدًا وقد لاحظ الأخير ذلك، ليعتذر إيهاب عما حدث ووعده بعدم تكراره ثانيًا .
بعدما أنتهى من موعده جلس في الكافتريا كعادته ومازال عقله منشغل، رغم عنه فما رأه وما سمعه لم يكن بهين على كل حال ولا يستطيع بكل تأكيد أن يقول لطارق شيء الآن، وفي نفس الوقت يشعر إنها أمانة عليه أن ينبه صديقه بما هو مقدم عليه إذا تقدم خطوة للأمام في علاقتهم وتزوجها، هنا لا يستطيع أن يخفى عليه ويجب البوح بكل شيء .
بعد قليل أتى أحدًا من أصدقائه وجلس معه ولم يكن بحالة مزاجية كفيلة للتحدث أو المزاح مع أي شخص كان، معكرًا بما فيه الكفاية ليقطع صمته:
ـ إيه يا عم مالك اومال فين طارق؟
رد إيهاب بفتور:
ـ طالما مش هنا هتلاقيه في شغله .. خير
أردف مستفسرًا:
ـ هو أنت بتشوف سارة ؟
شعر بتسارع ضربات قلبه عندما سمعه يسأل عنها لا يعرف لماذا، تذكر سابقًا عندما تحدث عنها، زاغت نظراته ثم قال سريعًا:
ـ لا .. بتسأل ليه؟
سكت قليلًا لا يعرف أن كان يجب أن يتحدث أو لا، حسم أمره وقال:
ـ هو أنا مش عارف لازم أقول الكلام ده ولا لأ .. بس طارق صاحبي وميرضنيش أذيته
أعتدل إيهاب في جلسته بعدما شعر بالقشعريرة تسري في جميع أنحاء جسده ليقول بلهفة وأهتمام:
ـ ما تتكلم في إيه ؟
تردد كثيرًا ثم قال:
ـ سارة .. شوف يا إيهاب سارة إنسانة مش كويسة ولما قلتك كده قبل كده مصدقتنيش .. بس المرة دي أنا شوفتها بنفسي وهي نازلة من عربية واحد غريب وطالعين شقة .. أنا في الأول قلت لا مش هي يمكن واحدة شبهها بس نزلت وأتأكدت إنها هي مش هتوه عنها يعني .. سألت البواب قالي كلام صعب بصراحة ومن ساعتها وأنا محتار ومش عارف أعمل إيه
تسارعت ضربات قلبه وزاد قلقه ليقول بعقل مشوش وضيق:
ـ أنت فاهم بتقول إيه .. دي خطيبة صاحبك وقريب تبقى مراته .. دي مصيبة .. فين العمارة دي؟
رد بقلق:
ـ عارف .. عشان كده قلتلك يا أخي لأني لوحدي مش عارف أتصرف .. عمومًا العمارة في الجامعة من جوة بعد سان مارك بشوية .. خالتي ساكنة هناك وكنت بودلها شوية حاجات أمي بعتاهم في نفس المنطقة .. شوفتها بالصدفة أتخشبت في مكاني
نفس عنوان البناية التي مر عليها، إذا لم يخطأ بها هو الآخر .. لقد شاهدها غيره وتعرف عليها بالفعل ويا لها من كارثة
نظر إليه إيهاب وقال بصرامة وجدية:
ـ أسمع .. مش عايز أي مخلوق يعرف حاجة عن الموضوع ده لحد ما أتأكد منه .. طارق نفسه متجبلوش سيرة .. ربنا يستر
تركه وخرج من الكلية وهو يشعر بأنه في كابوس كبير للغاية ولا يعرف كيف يتصرف، طارق ليس بوضع جيد حتى يكثر عليه مشاكله، وعلاقته الغير مستقرة بوالديه وزوحته من ناحية، وأرضاء سارة من ناحية أخرى ويا ليتها تقدر ما يفعل من أجلها وظلمه لزوجته لها .. يجب التأكد من ذلك مرة أخرى لكي عندما يبوح لا يكون ظالمًا لها على أي حال .
*******************
تنهدت بقوة وهي تنظر إلى ساعة يدها، إلى أين ذهبت كل هذا ؟ ايمكن أن تكون عادت إلى المنزل؟ لا، كانت أتصلت بها على الأقل فلما كل هذا التأخير إذا ؟ .
رن جرس الباب لتتسارع ضربات قلبها وهي تشعر أن الطارق هو يوسف، وبالفعل سمعت صوت سميحة من الداخل تطلب منها فتح الباب، قامت وفتحت لتتفاجئ بيوسف أمامها، دق قلبها بسرعة ونظرت له دون إبداء أي كلمة وهو كذلك، أبتعدت عن الباب قليلًا ليدخل وعادت إلى الأريكة وهي تتكلم بصوت عال نوعًا ما:
ـ أستاذ يوسف جاه يا طنط
شعر بالضيق من كلمة أستاذ .. مازلت على نفس الوضع ونفس الموقف منه، ولكن ما حدث والنتيجة التي يراها أمامه الآن هو سببها، هو أبتعد عنها وكسر قلبها دون أن يدري، هو من بدأ بالبرود كان أستاذًا وهي تلميذته النجيبة التي تعلمت الدرس جيدًا، يجب أن يتحمل نتيجة فعله، وبالفعل كما قالت له سلمى وإنه لم يعطي لها أي فرصة على الإطلاق، فقام بمعاقبتها على شيء لا ذنب لها فيه، يريد أن يعطي فرصة جديدة لنفسه هو قبلها، ويريد أن يصلح ما أقترفه في حقها ولا يعرف من أين يبدأ .
كانت منشغلة في هاتفها وعلى قصد تجاهله بهذا الشكل .. حسم أمره وقطع الصمت بينهم:
ـ عاملة إيه يا نور؟
اندهشت نور من مناداتها بأسمها بدون ألقاب أكثر من ثلاثة أشهر، مناداته بأسمها وترها وأكثر من نبرة صوته الهادئة المحبة، كما كان يناديها من قبل، مندهشة من سبب تغيره وفي ذات الوقت تشعر بالضيق منه ولا تستطيع أن تصفى من ناحيته بسهولة، فليس له الحق الأبتعاد متى يحب والأاقتراب متى يحب، يجب أن يفهم هذا جيدًا .. يجب أن تفهم أولًا لما فعل ذلك .
فردت بجمود:
ـ كويسة يا أستاذ يوسف
انفعل عليها دون ان يشعل، لم يحتمل بعد الآن تلك المعاملة أو هذا الأسلوب الغليظ الذي تعامله به:
ـ قاصدي أنتِ عارفاه كويس يا نور .. هو فيه إيه .. كفاااااااية
انفعلت وغضبت بشدة من أسلوبه:
ـ أنا مسمحلكش تتكلم معايا بالأسلوب ده .. أنا عملتلك إيه .. هو أنا اللي كنت بقرب وفجأة ببعد وبقلب !! .. ولا وقت ما تحب تقرب ولا تبعد يبقى بمزاجك واللي قدامك ملوش حق .. عرفت بقى في إيه .. سلام يا يوسف
حملت حقيبتها وخرجت على الفور وهي في حالة لا يرثي لها، أرطدم الباب بشدة التي خرجت على أثره، فكانت سعيدة بأنه بدأ الكلام معها وفجأ تحول كل هذا إلى مشاجرة عارمة بينهم، فقد سمعت كل شيء وحزنت من أجلهم .. أقتربت منه وقالت معاتبة إياه:
ـ مش معقول كده يابني .. هي ذنبها إيه .. هو أنت بتصلح الغلط بغلط !! .. يا بني أنت كده هتخسر نور .. البنت شرياك مش هتبقى أنت وأختك .. وأنت عارف أن وضعها مختلف هي غصب عنها وأنت بأختيارك يا يووسف
فتح أمير الباب بالمفتاح ودخل على نفس الوضع مندهشًا ليقول:
ـ في إيه يا جماعة صوتكوا جايب برة
نظرت ليوسف بعتاب ثم قالت بضيق:
ـ أسأل ابن خالك وهو يقولك
تركتهم ودخلت غرفتها، أقترب منه وقال برفق تعال أقعد وفهمني اللي حصل
جلس سويًا ومسح يوسف شعره بضيق وندم على ما فعل وحاول أن يبدأ الحديث بهدوء نوعًا ما:
ـ نور كانت هنا من شوية وحاولت أتكلم معاها بس شخطت فيها جامد ونزلت مضايقة
تغيرت ملامح وجهه إلى الضيق ليقول معاتبًا هو الآخر:
ـ يادي النيلة .. ليه يا فقري كده .. نفسي أفهم ليه كل ده .. ليه بتعمل في نفسك كده؟ الندم صدقني مش هيفيد يا يوسف
انفعل به لأنه يعلم كل هذا جيدًا وشعوره بالندم قوي:
ـ أهو اللي حصل بقى يا أمير .. هي اللي أستفزتني وهي لسة مصممة على أسلوبها ده .. من الآخر كانت حاسة بكل حاجة حصلت .. قربي منها من غير ما حس وبٌعدي عنها فجأة بدون سبب مبرر لها ومعاملتي الجافة لها .. قالتلي كل حاجة يا أمير في لحظة انفعال طلعت اللي جواها .. أد إيه أنا جيت عليها وظلمتها وهي ساكتة ومستحملة .. قالت أسمى من غير رسمية يا أمير زي زمان
جلس ودفن رأسه بين طيات كفيه في حزن ويأس، شعر به أمير وربت عليه وأردف بنبرة هانية وهادئة:
ـ أنا حاسس بيك على فكرة وعارف اللي بتمر بيه .. بس ليه يا يوسف أديني مبرر واحد .. أنا عارف إنك معجب بيها وفي مشاعر ليك من ناحيتها .. متصارحها يا اخي بدل العذاب اللي أنت فيه ده
نظر له بحزن ويأس:
ـ ياريته كان ينفع .. يا ريت .. لعنة ونتايجها مش راحمة حد
لم يفهم ماذا يقصد بالتحديد، ولكن تركه الآن يراجع أفعاله لعل وعسى يجد مرشدًا في أتخاذ قراره النهائي .
*******************
عادت إلى المنزل وهي في قمة غضبها، صعدت مباشرةً على غرفتها وهي تحدث نفسها بضيق شديد، ألقت حقيبتها على الفراش بلامبالاه وضجر وجلست تفكر وتسترجع الموقف وهي تحدث نفسها
“بقى أنا يشخط ويزعق فيها بالشكل ده!! بتاع إيه ده إن شاء الله .. هو فاكر نفسه إيه .. كفاية قال مش كان أولى يقول الكلام ده لنفسه من الأول .. لكل فعل رد فعل .. ماشي يا يوسف”
ـ أنتِ كويسة يا نور؟
قالتها تهاني وهي تقف بالقرب منها، تفاجئت نور بوجودها لتصيح بدهشة:
ـ ماما خضتيني .. هنا من أمتى؟
تهاني ردت بقلق على حالتها:
ـ مفيش خمس دقايق .. خبطت ملقتش رد لقيتك بتكلمي نفسك بعصبية .. حصل إيه ومال يوسف:
أبتلعت غصتها وقالت بارتباك:
ـ أنا قلت يوسف ؟
جلست أمامها باهتمام لتفهم ما حدث:
ـ ايوة .. اللي معصبك أوي كده .. أنتِ بتشوفيه ؟
أدركت علو صوتها وهي تحدث نفسها، نظرت لها وردت سريعًا بضيق:
ـ ايوة ساعات عند طنط سميحة .. ومن فضلك يا ماما متجبليش سيرة البني آدم ده تاني
أمسكت يداها وقالت بقلق:
ـ اللي حصل .. عملك حاجة ؟ .. أتكلمي
صاحت بها بضيق وهي تتحدث بسرعة:
ـ بني آدم غريب بجد .. طول عمره كلامه معايا بحدود وبلطف زي ما حضرتك عارفة لكن من ساعة هروب سلمى وهو قلب عليا وبقى دمه يلطش وبيكلمنى من طرف مناخيره .. يشرب من البحر بقى بلا قرف
بعد تفكير واستماعها بتمعن سألتها بجدية:
ـ أنتِ ضايقتيه في حاجة يا نور من غير ما تقصدي ؟ .. في حاجة ؟
انفعلت عليها نور في ضيق وقالت:
ـ والله ما عملت حاجة ولا قلت حاجة .. حضرتك عارفة علاقتي بيه عاملة ازاي .. بس ليه بعد هروبها عمل معايا كده أنا مالي هو أنا اللي هربتها
زفرت نور بشدة وتفهمت موقفها، فهي تعرف أبنتها جيدًا .. ابتسمت ثم ربتت على يدها قائلة:
ـ خلاص يا نور ولا يهمك يا حبيبتي .. ما يمكن اللي حصل لأخته مش سهل عليه زي ما هو مكنش سهل علينا كده
نظرت نور لوالدتها بعدم تصديق:
ـ بتبرريله يا ماما !! .. الكلام ده عدى عليه تلات شهور وشوية ولسة زي ماهو كل ما بيشوفني كأني عملاله عمل .. بس يا ماما الله يرضى عليكِ وقفلي على السيرة دي
تنهدت تهاني بحيرة ثم نهضت وقالت بنفس البسمة:
ـ ربنا يريح بالك يا بنتي .. طيب غيري هدومك عقبال ما سلمى ترجع .. وبابا جاه من بدري وفي مكتبه و ..
قاطعتها نور باهتمام:
ـ نعم!! هي سلمى لسة مجتش؟ .. لسة جاية من عند سميحة ومراحتلهاش
ردت بهدوء وقد تسرب القلق إليها قليلًا:
ـ اومال هتكون راحت فين يعني ؟
فكرت نور مليًا وهي تسترجع حالة سلمى في الكلية والحديث الدائر بينهم، فقاالت وهي تحدث نفسها:
“معتقدش إنها تكون في الشركة”
ـ يمكن بتجيب أدوات ولا حاجة يا ماما .. عمومًا هتصل بيها أشوفها فين
شردت وشعرت بعدم الراحة على أي حال، ثم فاقت على صوت تهاني وهي تخرج:
ـ عمومًا احنا عزمين مدام سميحة على الغدا النهارده .. لو كنت أعرف أنك هتعدي عليها كنت خليتكوا تيجوا سوا
خرجت وأغلقت الباب خلفها، عادت لنفس الوضع وتفكر .. إذا مادامت السيدة سميحة أتية لابد وأن يحضر معها ابن اخيها، فلن تتركه بمفرده، لا تريد رؤيته ولا الحديث معه على أي حال
******************
جلست في مكانها المفضل وقامت بالإتصال بسميحة، التي كانت في هذا الوقت تجلس مع يوسف وتتحدث إليه، محاولة منها معرفة سبب أبتعاده عن نور ومعاملته لها بهذا الجفاء .. ولكن دون جدوى ولا تعرف لماذا سواء هي أو أمير .
تناولت هاتفها وقالت:
ـ دي مدام تهاني
أنتبه لها يوسف بقلق لاحظته، ثم ردت:
ـ ألو السلام عليكم .. الحمد لله بخير أخبارك أنتِ يا مدام تهاني ؟؟ … إيه ده بجد لا طبعًا معنديش مانع .. خلاص هشوف أمير .. ماشي يا حبيبتي مع السلامة
أقبل عليها يوسف باهتمام:
ـ في إيه يا عمتو
تشعر بلهفته أن كانت المكالمة تخص نور، فابتسمت وقالت:
ـ معزومين على الغدا النهارده .. طبعًا أنت جاي معايا يا أمير
رفع رأسه من هاتفه وقال بهدوء وهو يراقب قسمات وجه يوسف:
ـ أه معاكِ إن شاء الله .. فاضي النهارده
شرد يوسف بضيق ليبتسم أميرلتأكده من اهتمامه الكبير بها، لتربت تهاني على منكبه قائلة:
ـ متنساش تجهز نفسك كمان ساعة يا يوسف
تنهد بقوة وقال بجمود:
ـ لا معلش يا عمتو أعفيني أنا .. مش هقدر أجي
ابتسم أمير وقال بجدية:
ـ بلاش هروب يا بني بقى .. هتفضل مش عارف تواجهها كده لحد أمتى؟ خليك كده لحد ما تروح منك .. فكك منه يا ماما هتستأذنيه ولا إيه ..
انفعل يوسف ونهض ذاهبًا لغرفته:
ـ وأنا قلت مش جاي يا أمير .. هو بالعافية يا أخي
صاح به أمير بعتاب وخوف أخوي:
ـ جاي غصب عنك يا يوسف .. مش هشوفك بتدمر نفسك بأيدك وأقف أتفرج عليك .. هتيجي يا يوسف
جلس بجوار والدته بضيق، لتربت عليه بحزن مقدرة مشاعره:
ـ أنت بتعمل اللي عليك يا حبيبي .. ما أنت عارف يوسف لما بيقفل على نفسه بيبقى عامل ازاي .. ربنا يهديه ويصلح حاله يا رب
أردف بضيق وحزن:
ـ الندم وحش أوي يا أمي خاصًة لو حاجة مصيرية زي دي .. أنا مش عايزه يندم زي ما أنا ندمت وأنتِ عارفة اللي حصل كويس .. نور بنت كويسة جدًا كفاية إنها صاحبة سلمى من سنين ومتأكد من أنها فعلًا حبته زي ما هو بيحبها بس مش عارف ماله ده .. مش عايز يتحرك ليه .. غبي صحيح
ميلت عليه وربتت بحزن وتفهم، تشعر ما بداخله وكأن ما حدث في السنوات السابقة يمر أمام عيناها كشريط سينيما .
أراح ظهره لتسقط دمعة من عيناه، فرة دون إرادته .. يتمناها من صميم قلبه ولكن لن يستطيع أن يكرر تلك المأساه مرة أخرى، سيكون الحاضر عقبة لهم وما هو آتي، لا يستطيع أن يؤلم قلبها أكثر من ذلك .. لا يعرف متى أقترب منها بهذا الحد في يوم وليله وأعتاد على وجودها ومن مكالمة واخدة وأسلوب طارق المنفر له قرر أن يبتعد عنها للأبد رغم ذلك لا يستطيع مقاومة مشاعره، لعله يستطيع فعل ذلك ..
**********************
الساعة الرابعة عصرًا، وصلت أخيرًا سميحة وأمير لفيلا الإبياري ليكون في أسقبالهم محمود وتهاني، سمعت نور أصواتهم من الأعلى، دق قلبها بعنف وهي تشعر بالضيق والتوتر في الوقت ذاته، نزلت لتتأكد من مجيئه لتجده غير موجود، وضعت يدها على صدرها براحة على عدم مجيئه .
بعد قليل صعد الخادم ليخبرها الجميع في إنتظارها، نزلت بعدما تأكدت من عدم وجوده، رحبت بالجميع وبدأوا في تناول الطعام، نظرت سميحة لتهاني وقالت:
ـ اللمة الحلوة دي ناقصها سلمى هي فين؟
ردت نور سريعًا:
ـ أتصلت بيها بيديني جرس ومبتردش .. حاولت كتير مفيش فايدة
قلقت تهاني وسميحة لتقول الأولى:
ـ أول مرة تغيب بالشكل ده من غير ما تكلم حد فينا .. حتى طارق لسة مجاش لحد دلوقتي
أردف محمود قائلًا:
ـ طارق راح الكلية وقال إنه أحتمال يتأخر شوية
شردت نور في قلق ولا تشعر بالأطمئنان على الإطلاق، قلبها يدق مسرعًا ولكن تدعو الله أن يردها سالمة، لاحظ أمير شرودها وشعر كأنها تخفي شيء، لم تكن على طبيعتها على الإطلاق .
*******************
دبت مشاجرة بين طارق وإيهاب وأحد أصدقائهم، لا يصدق ما يقولون على الإطلاق .. لا يصدق أن تكون هذه سارة التي أحبها حقًا، لا تكون بهذه الدنائة وتلك الصورة المقززة العفنة التي ينعل كل فتاة يراها بتلك الهيئة ويدعي لهن بالهداية .. لن تكون خطيبته واحدة منهم بأي شكل يكون .
حاول إيهاب تهدئة روعه قليلًا وهو مراعِ لحالته وللموقف بشكل عام:
ـ أهدى يابني عشان نعرف نتكلم
صاح به بعنف دون دراية:
ـ أهدى إيه وزفت إيه يعني أنت مش سامع أنتوا بتقولوا إيه .. عايزني أتحزم وأرقص لما تقولوا كده على اللي هتبقى مراتي !!
الوضع أصبح لا يحتمل، يجب أن ينقذ صديقه من الوحل الذي يعيش فيه بسببها، أعمى القلب والبصيرة وبسبب ذلك سوف يفقد حياته وأقرب الناس إليه، سيخسر زوجته قبل نفسه إذا علمت بأمر زواجه الفعلي وليس مجرد كلمات عابرة لتثير غضبها، لن يتحمل أن يتركه يغرق هو القاتل والمقتول في ذات الوقت، ما دام الأمر تطور إلى زواج بشكل فعلي ولا يصدق حتى أنه يريد أن يتزوجها بعدما كل ما حدث، وهذذا بالفعل ما صرح به إيهاب .. فصاح به خوفًا عليه:
ـ متفوق بقى يابني فيه إيه .. كل ده وربنا بيحطلك رسايل عشان تفهم وأنت مستسلم لأوهامك فأنت فعلًا محتاج حد يوقفك .. عايز تتجوزها بعد كل ده !! بعدما أتأكدت إنها اللي بتبوظ علاقتك بمراتك وإنها جات على قصد يوم الصباحية عشان تشوفكوا سوا والدنيا تبوظ أكتر من مرة .. أنا قلتهلك زمان يا طارق وأنت مسمعتش كلامي وأهلك بدل المرة مية مرة .. سارة متنفعش مش ليك أفهم بقى .. مش من تفكيرك ولا شبهك .. أقولك إيه أكتر من إنها بتطلع شقة مع واحد بالساعات والبواب بنفسه عارف اللي داخل واللي خارج ويختم بكلامه الله يستر على ولايانا .. ده معناه إيه ما تتكلم
كان يستمع بتمعن وعقله مقتنع تمامًا بكل كلمة، لكن قلبه كان يعارضه بشده، هدأ قليلًا ثم قال بجمود وجدية:
ـ أشوف وأتأكد بنفسي .. ساعتها هتكون هي اللي جانته على نفسها
ذهبوا جميعًا إلى تلك البناية وأخذ طارق يتمعن بها، خرجوا من السيارة متجهين نحو حارس العقار، الذي يجلس على دكة مستطيلة بجلبابه الرمادي ويحتسي كوبًا من الشاي، ليشاهد بثلاث شباب آتين نحوه فأعتدل جلسته .. أقبل عليه إيهاب قائلا:
ـ السلام عليكم يا حج
رحب به الحارس بعدما تذكره صباحًا:
ـ أهلًا يا بيه .. أومر
ابتسم إيهاب بود وقال وهو ينظر لطارق:
ـ قلي بقى يا راجل يا طيب هي البنت اللي كلمتك عنها الصبح لسة موجودة ؟
أجاب الحارس بتلقائية:
ـ من ساعة ما طلعت من الصبح منزلتش … بس البيه اللي معاها نزل من كام ساعة كده
إيهاب بنفس الأسلوب مردفًا:
ـ متعرفش هي في الدور الكام على كده؟
رد الحارس:
ـ اومال يا أستاذ .. في الدور الخامس على أيدك اليمين .. عدم المؤاخذة أنا اللي كنت بطلعلهم البيرة إذا كان هي ولا غيرها .. بتسأل ليه ؟
نظر لطارق معاتبًا:
ـ بيرة ها .. أبدًا أصل خطيبها عايز يشوفها .. اللي هيتقدملها زي ما قلتلك قبل كده
رد الحارس ويبدو عليه الانزعاج:
ـ روح لحالك يا أستاذ الله يرضى عليك .. هي دي بنات تنفع للجواز ولا تفتح بيت .. أحمد ربك أنك لسة على البر
نظر إليه إيهاب مجددًا بعتاب وطارق يبدو عليه الصدمة الشديدة لا يستطيع التفوه بكلمة فقط يسمع ما لم تصدقه أذناه، ليتكلم أخيرًا ولكن بصعوبة:
ـ معلش أنا عايز أشوفها .. أتأكد هي ولا مش هي
تركوه وصعدوا إلى الطابق الخامس بواسطة المصعد، وطارق تفكيره مغلق وعقله مشلول بكل المقاييس، وصلوا مقتربين من الشقة وطارق لا يريد الطرق على الباب أو رن الجرس حتى، مشاعر متداخلة لا يستطيع أن يسيطر عليها، لا يصدق ما قاله حارس العقار فقط يريد أن يرى بأم عيناه .
لاحظ إيهاب إنه لا يستطيع أن يقوم بأي فعل، يداه ترتعش ويبدو عليه الصدمة فبدأ هو بقرع الباب ..
تفتح سارة الباب لتتفاجئ بطارق أمام عيناها لتشهق بخضة وصدمة، لجم لسانها ولا تعرف ماذا تقول، لم تتصور أن يأتي اليوم وتكون في موقف مخزي أمام طارق بهذا الشكل، لقد فعلت كل شيء كي تبقى معه، وحاربت كي تصل لمرحلة الأحتفظ به ولا يذهب لغيرها، ولكن كل شيء الآن ذهب سدى .. لا تعرف كيف وصل إلى هنا وكيف وجدها .. لا تعرف كيف تبرر موقفها هذا، عيناها منصبة عليه وفاها مفتوح بشدة، كأن الزمن توقف عند هذه اللحظة .. تجمعت الدموع في عيناها ولا تعرف ماذا تقول .
كيف لها أن تكون بهذه الهيئة المقززة ؟ .. لقد حاول جاهدًا أن ينفي الحديث عنها بأي سوء، أي شكل يمكن أن يتخيله بها، ولكن لم يتصور أنه سوف يراها بنفسه .. ينظر لها بصدمة ونظرات مقرفة لا يستطيع التعبير عنها بكلمات، لا يعرف كم هو منخدع فيها طيلة هذه الفترة وهي معه، لقد حذرها منه الجميع وهو لم يستمع إليهم البتة، لهذه الدرجة كان يعيش في وهم كبير، بل مستنقع من الأوهام وقد فاض به بعد الآن .
شعرها الغير منهدم ومبعثر بعشوائية على وجهها، وذلك الرداء القصير الذي يكشف أكثر ما يستر، دخل من باب الشقة ترجع بالخلف هي في رعب من رد فعله لينقض عليها ويجذبها من شعرها بكل عنف أتى به وهي تصرخ وتتألم تحت يداه .. إيهاب والآخر يحاولان جذبها من تحت يداه وهو يسب بها بانفعال شديد بداخله:
ـ بقى أنا تعملي فيا كده يا زبالة .. ليه عملتلك إيه .. عديت أهلي بسببك وياما نصحوني أبعد عنك بس أنا اللي أتمسكت بيكِ وقلت لا كفاية إنها بتحبني .. تكسري قلبي ليه … ليييييييييييييييييييه .. هقتلك
هجم عليها مرة أخرى جذبها إيهاب بعيدًا عنه، ليصيح به بانفعال هو الآخر:
ـ سيبها يا طارق متستهلش إنك تضيع نفسك عشان واحدة زي دي متستاهلش .. كويس إنك شوفت بنفسك
تكلمت سارة وهي ترتجف من شدة البكاء والعياط محاولة أستعطافه:
ـ والله العظيم بحبك يا طارق .. متفهمش غلط عشان خاطري .. سلمى هي السبب في اللي احنا فيه
انفعل أكثر وجذبها من شعرها:
ـ أخلرسي متجبيش سية ربنا على لسانك .. حب إيه كفاية كدب بقى أنتِ إيه يا شيخة مبتزهقيش .. ده أنا جايبك من شقة واحد ولابسة مفيش .. مش عارف ازاي كنت هأمنك على أسمى وعرضي .. سلمى دي بضفرك إياكِ تجيبي سيرتها على لسانك القذر ده تاني أنتِ سامعة !!
بصق عليها ونظر لها بقرف وأذدراء شديد وهي لازالت تحاول استعطافه ثم خرج في كامل غضبه وانفعاله وخلفه صديقه .. ألقى عليها إيهاب نظرة أخيرة وهو بكامل حزنه وآسفه عليها، كان يتذكر بأنه يومًا ما يحبها ويحمد الله بأنه نزع هذا الحب من قلبه إلى الأبد، تركها بجملة أخيرة قبل أن يذهب ويتركها بمفردها:
ـ يا خسارة يا سارة .. كنت فاكرك بني آدمة نضيفة .. بس طلعتي أحقر مما أتصور
خرجت وأرتطدم الباب بعنف لتقع هي على الأرض منهارة في البكاء بهستيرية، لقد خسرت كل شيء في لحظة واحدة بسبب طمعها وأنانيتها، وخيانتها من المفترض أقرب الناس لديها، كل الخطط التي وضعتها مع عاصم لم تكن في صالحها في النهاية هي الخاسرة الوحيدة .
قبل أن يخرج من البناية رأى الحارس آتي إليه عندما سمع صوت الصراخ يصل إلى الأسفل .. صاح به طارق وقال بغضب:
ـ الشقة اللي فوق دي بتاعة مين ؟
رد الحارس بخوف منه:
ـ بتاعة واحد أسمه عاصم السيوفي يا بيه .. بيتردد عليها كل فترة ومعاه بنات
صدم طارق للمرة الثانية ونظر لإيهاب الذي لم يتوقع أن يكون قريب منه لهذه الدرجة، ولكن من أين بدأت تلك المعرفة بينهم، هذا ما سوف يعرفه من سارة ولكن ليس الآن
*******************
يضرب الموقد بعنف شديد وانعال أشد، يشعر بأنه في كابوس كبير جدً، وأن زواجه من سلمى رغم أنه كان بغير أرادته ولكنه أخف ورحمة كبيرة من هذه الحقيقية الشنعاء من أختياره بنفسه .. كاد أن يخسر زوجته أو بالفعل هو أقترب من خسارتها، فعلاقته بوالديه الآن أصبحت على ما يرام حتى شقيقته حمدًا لله أفضل مما سبق بفضلها بعد الله، سيتركها مقابل مكسبه من الجميع، سيخسر الشيء الوحيد الجيد في حياته .
كان إيهاب معه كامل الحق في أنه لم يعطي لنفسه فرصه ليحبها، ليراها على حقيقتها .. يجب أن يعطي لنفسه الفرصة الحققية ليعيش حياة حقيقية بدون زيف او وهم كما كان يعيشها غافلًا .. يجب أن يبصبر من جديد ليس فقط بعيناه ولكن بقلبه وعقله .
إيهاب لا يعرف ماذا يقول ولا يجد الكلمات المناسبة، فيكفي أنه علم الحقيقة قبل فوات الأوان .. فتركه لحاله إلىى أن يهدأ من روعه تمامًا، فهو ف حالة يحتاج إلى تصفية الذهن وإعادة الحسابات والأوليات من جديد .
********************
تجمع عائلي جميل، كانت تنظر له نور بابتسامة إلى أن أختفت تلك البسمة عندما تذكرت ما كان يفعله معها يوسف، وتأخر سلمى طيلة هذا الوقت دون أي إتصال تطمئنهم عليها حتى .. بعد قليل حضر طارق، ولم يدخل إلا لما ضبط انفعاله جيدًا حتى لا يلاحظ أحدهم أي شيء، وفي داخله يتمنى رؤية سلمى .
الجميع أسعد بوجوده وجلس معهم وهو يتناول الطعام، ولكن بين الحين والآخر كان يشرد وقد لاحظته نور ولم تعلق، وبالطبع سؤاله الأول عند دخوله أين سلمى؟ .. والجواب ليست هنا وبررت نور تأخيرها لحين تظهر أو ترد على إتصالاتها .
وبدون أي مقدمات دخل هاشم الذي تفاجيء الجميع بوجوده هنا، فلم يظهر ولم يعرفوا عنه أي شيء بعد زواج ابنته، ولم يسأل عنها حتى .. فما سبب زيارته هكذا دون ميعاد أو أي كلمة مسبقة على الأقل .
وعلى ما يبدو الحالة التي آتى بها ليست على ما يرام، ولا تبشر بالخير على الإطلاق .. بل قسمات وجهه إن دلت فهي تدل على خوف وقلق شديدين، ولأول مرة يراه محمود بهذا الشكل حتى عند موت زوجته فريدة .
أقبل عليهم في لهفة وهو يصيح:
ـ فين سلمى ؟ بنتي فين ؟
اندهش الجميع حقًا .. فما هذا وماذا يحدث، لينهض محمود ويقول بجدية:
ـ في إيه يا هاشم .. أنت لسة فاكر إنها بنتك ولا إيه ؟
بنفس النبرة صاح هاشم:
ـ مش وقت عتاب أو لوم .. فين بنتي يا محمود .. سلمى في خطر
قلق محمود من نبرته وكذلك الجميع فنهضوا لأن يبدو أن هناك كارثة حلت عليه وخاصًة على سلمى .. أهتز قلوب الجميع من تلك الأخيرة التي تفوه بها وقال أمير على الفور بدون وعي:
ـ في إيه عملت فيها إيه المرادي يا هاشم بيه ..
قاطعته سمية بقلق:
ـ استنى بس يا ابني نفهم اللي حصل ..
قال هاشم بلهفة:
ـ جالي رسالة تهديد بقتلها لو البضاعة متسلمتش في ميعادها .. مع إني مسلم أاول دفعة زي ما اتفاقنا
اقترب منه طارق وأامسكه من أعلى قميصه بانفعال شديد وخوف أشد:
ـ أنت اتجننت !! مش كفاية كل اللي حصلنا ده من تحت راسك وبوظت حياتنا .. عايز إيه تاني .. لو مراتي جرالها حاجة أنا مش هرحمك فاهم
فك النزاع بينهم محمود وهو يصيح به:
ـ أهدى يا طارق مش كده .. أنا مقدر حالتك بس نفهم الأول اللي حصل .. مال الدفعة ومال سلمى يا هاشم مش خلاص نفذنا اللي عايزينه فيه إيه تاني ؟
صاح به في خوف وقلق:
ـ مش عارف اللي حصل .. ميعاد الشحنة بتاع الصفقة تم الدفعة الأولى والتانية كانت المفروض امبارح بس أتأخرت بعدما بعتوا فاكس .. السفينة طلعت من المينا متأخر ليه وليه يبعتولي رسالة لو الشحنة متسلمتش في ميعادها هتحصل أمها
صاح به محمود بغضب شديد:
ـ إيه الهبل والتخريف اللي أنت بتقوله ده .. ده شغل عصابة وبلطجة مش شركات محترمة بتعامل معاها .. دي صفقة أدوية يهددوا بيها بالشكل ده!!
قررت نور أن تتحدث لعل كلمة منها تنقذ الموقف:
ـ من ساعة ما الصفقة دي تمت واحنا كلنا بلا استثناء مشوفناش يوم عدل .. أنا كلمت يا بابا سلمى في الموضوع اللي كنت عايز تفاتحها فيه وفعلًا سلمى مكدبتتش خبر لما قلتلها وقعدت تفتش ورا الموضوع .. اتضح أن في صفقات شحناتها بتجي في وقت متأخر من الليل.. سلمى كانت مشغولة ومبتركزش فيها بس النهارده الصبح كانت مشغولة جدا ولا حتى المحاضرات عرفت تركز فيها زي الأول .. وشاكة أن الموضوع ده وراه حاجة
ربط طارق الخيوط ببعضها البعض وقال:
ـ عشان كده كانت ماسكة اللاب من بعد الأكل وقاعدة تشتغل ..
قاطعته نور بجدية وثقة:
ـ بالظبط .. كانت دور عن سبب وصول الشحنات لوقت زي ده مع إنها عمرها ما أستلمت شحنة بليل والموضوع ده بيحصل كل فين وفين .. من الآخر كده الشحنات بتاعة الصفقة دي بتيجي بليل ومادام كده يبقى دي مش مجرد أدوية عشان تتهرب زي الحرامية بالشكل ده يا أنكل .. ولا بالعقل كده شركة تحط شرط زي ده في صفقة أدوية .. الصفقة دي فيها حاجة وهي سبب لكل ده
الجميع كان يسمع نور باهتمام شديد جدًا وتمعن، معها حق في كل ما قالت، استطاعت ربط الخيوط جميعًا وأوضحت عدم منطقية الأمور التي كانت تحدث مسبقًا .. الكل ينظر لهاشم منتظرين منه رد مناسب أو مبرر مقنع على الأتهام الموجع له من قبل نور .. وجد هاشم أنه لا مفر من إنكار الحقيقة كثر من ذلك، فأنه غير مستعد أن يخسر ابنته كما خسر زوجته من قبل، صحيح أنه كان لا يبالي وجودها أو رأيها ولكن عندما وجد الأمور تتحول إلى الجدية لم يستطع خسارة كل شيء .. فقال في أسى :
ـ ايوة .. مش مجرد صفقة أدوية .. تهريب .. مخدرات
انصدم الجميع مما سمعوا، لم تصدق سميحة أن حال اخيها يصل به إلى هذا الحد ولا حتى أمير الذي عجز عن الرد .. نظر محمود لطارق بعدم تصديق على الإطلاق ليقول بصدمة:
ـ لا لا مستحيل أنت أكيد بتهزر صح .. معنى كده أنا متورط معاك في صفقة مخدرات !! .. ده أنا هوديك في ستين داهية .. يبقى المعلومات اللي عرفتها من الملف صح
رد هاشم سريعًا:
ـ مش هروح لوحدي يا محمود .. العقود بأسمنا كلنا .. بس وديني لو حاولوا يمسوا شعرة من بنتي أنا مش هرحمهم .. بس أجيب الظرف الأسود الأول
عقد طارق جبينه وهو يحاول أن يتمالك أعصابه من هول ما يسمع، وتلك الكارثة الجديدة التي حلت عليهم دون أي مقدمات:
ـ بتاع إيه ده الظرف الأسود
رد سريعًا:
ـ ده اللي فيه البضاعة المتهربة وبأسمائهم .. واللي كانت صفقة الأدوية ستارة ليهم .. الورقة دي لو وقعت في إيديهم كلنا هنروح في ستين داهية .. والأهم من كده لازم نتصل بسلمى قبل ما يوصلوا لها ..
*********************
إلي هنا ينتهى الفصل السابع والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر